«فرانس برس»: التضليل الإعلامي يؤجّج التوتّرات العرقية في إثيوبيا

«فرانس برس»: التضليل الإعلامي يؤجّج التوتّرات العرقية في إثيوبيا
نشر معلومات مضللة

كشف خبراء عن لجوء أنصار المجموعات المتنازعة في إثيوبيا إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لنشر معلومات مضللة، مستغلين ضعف الوعي الإعلامي لدى السكان، ما يُساهم في تأجيج التوترات العرقية.

ووفقا لتقرير نشرته وكالة "فرانس برس"، اليوم الخميس، تُعتبر إثيوبيا، التي يبلغ عدد سكانها 120 مليون نسمة، ثاني أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان، وتتكون من خليط متنوع من المجموعات العرقية التي تُعاني من انقسامات سياسية حادة أدت إلى نشوب نزاعات، خلقت هذه الظروف بيئة خصبة لانتشار المعلومات المضللة بين مستخدمي الإنترنت في البلاد، الذين يبلغ عددهم 36 مليون مستخدم.

واستعرضت خدمة تقصي الحقائق في وكالة "فرانس برس" في الأشهر الأخيرة عدداً من التسجيلات المفبركة، بعضها عبارة عن خطابات مُعدلة لرئيس الوزراء آبي أحمد، وبعضها الآخر يُعلن بشكل خاطئ وفاة أحد قادة المتمردين.

وأكد ووركينيه ديريبسا، الأستاذ المحاضر في الصحافة بجامعة جيما في منطقة أوروميا، أن ضعف الوعي الإعلامي يُساهم في "مفاقمة النزاعات القائمة أصلاً، وخلق مشاكل جديدة على الصعيد الاجتماعي والسياسي".

نشر المعلومات المغلوطة

انتهت الحرب في تيغراي (شمال إثيوبيا) التي استمرت عامين في عام 2022، لكن البلاد لا تزال تشهد نزاعات أخرى، خاصة في مناطق أمهرة وأوروميا، حيث يواجه الجيش جماعات متمردة.

وأظهرت تحقيقات خدمة تقصي الحقائق في "فرانس برس" أن الأطراف المتنازعة تنشر معلومات مغلوطة بهدف تأجيج التوترات وتشويه سمعة الخصوم.

تطور أساليب التضليل الإعلامي

كانت أساليب التضليل تقتصر على تعديل النصوص والشروح المرفقة بالصور، أما اليوم، فقد سهّلت أدوات الذكاء الاصطناعي المتوفرة مجاناً عملية التلاعب بالتسجيلات الصوتية ومقاطع الفيديو.

وعلى سبيل المثال، تم التلاعب بفيديو لرئيس الوزراء آبي أحمد يعود إلى عام 2020 حول مقتل المغني الشهير هاشالو هونديسا، بحيث يُوحي الفيديو المُعدل بأن رئيس الوزراء يُشير إلى عملية قطع رأس وقعت في أوروميا في نوفمبر 2024.

وفي يوليو 2024، نشر أنصار الحكومة شريط فيديو سُمع فيه صوت، يُعتقد أنه مُعدّ باستخدام الذكاء الاصطناعي، يدّعي أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" تطالب المجتمع الدولي بإدراج جيش تحرير أورومو على قائمة المنظمات الإرهابية، وهو أمر لم تقم به المنظمة على الإطلاق.

التلاعب بخطابات الشخصيات العامة

أوضح تيرييه سكييردال، الأستاذ النرويجي المحاضر في الصحافة الذي عمل لفترة طويلة في إثيوبيا، أن "خطابات شخصيات بارزة قد تخضع للتلاعب، وقد تُخرج مقاطع فيديو قديمة من سياقها، وقد تُستبدل كلمات أو تُحذف بنية سيئة".

وأشار إلى أن "الأطراف المتحاربة في إثيوبيا تتنازع السيطرة على المعلومات في شبكات التواصل الاجتماعي، وتستخدم استراتيجيات مُتطورة بشكل متزايد للتضليل الإعلامي، في ظل تفاقم الوضع بسبب ضعف الوعي الإعلامي".

وتفاقمت هذه المشكلة أيضاً بسبب ضعف مستوى الإلمام بالقراءة والكتابة، وفقاً لتقرير صدر عام 2024 عن صندوق الأمم المتحدة للمشاريع الإنتاجية، وتزامن تطور أدوات التضليل الإعلامي في إثيوبيا مع وضع سياسي خاص، تمثل في وصول آبي أحمد إلى السلطة بعد مرحلة انتقالية، ثم اندلاع الحرب الدامية في تيغراي.

وأكد بيفيكادو هايلو، أحد نشطاء المجتمع المدني، أن "الانقسام الحاد بشأن الأهداف السياسية المتعارضة يُشكل أرضاً خصبة لاستغلال التضليل الإعلامي كوسيلة للسيطرة على الرواية من قبل الأطراف المتنازعة".

وانتقد "قلة انخراط" وسائل الإعلام، سواء المستقلة أو الرسمية، في الجهود المبذولة لمواجهة هذه الظاهرة.

أهمية تعزيز الوعي

شدد سكييردال على ضرورة تحسين المعرفة بمبادئ عمل وسائل الإعلام لمكافحة انتشار المحتويات العنيفة أو المغلوطة على نطاق واسع.

وأكد أن "مبادرات تقصي الحقائق، مثل تلك المعتمدة في منظمات مستقلة كوكالة فرانس برس، ذات أهمية بالغة في اللغات المحلية".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية